Translate

الثلاثاء، 7 مايو 2013

بطولات نسائية مصرية في حرب اكتوبر


بطولات نسائية مصرية في حرب اكتوبر





اعداد / محمد عطية عليان

- فرحانة: الطريق إلي نسف القطارات الإسرائيلية يبدأ من إمبابة.
- وداد: باسم "ناصر" خدعت "وايزمان" و انضممت لمنظمة.
- هند: حملت الضابط المسيحي المصاب إلي يمتي و لم تعترض القبيلة.
- فوزية: دمرت دورية إسرائيلية فقبضوا علي زوجي و أخي.
- عائشة: الرئيس السادات كشف حقيقتي أمام أولادي بعد الانتصار.

معلومات تنشر لأول مرة عن بطولات نسائية في حرب اكتوبر .. فرحانة و أخواتها .. قنابل بدوية "صنع في سيناء". 
لا .. ليسوا مجرد حفنة من البدو الموصومين سلفاً بخيانة لم يجنوها و ليست نسائهن مجرد راعيات أغنام، مستسلمات، راضيات بل مناضلات، مكافحات و مجاهدات تتقافز منهن حكايات البطولة كأنبل الفرسان و تتماوج في ذاكرتهن ذكريات النضال كأشجع الرجال ..
لم لا و قد كفرت كل منهن بقيم القبيلة البالية و تقاليدها الكسيحة، و الكاسحة التي تحرم عليهن حتي مجرد الاختلاط بغيرهن من الرجال فما بالك بالكفاح ضد عدو قاهر جبار ..
لم لا و قد فرت كل منهن من زوجها و ذويها و أمها و أبيها و بناتها و بنيها و نذرت نفسها لوطن لم تكتحل عيونها قط بحبيب سواه ..
لم لا و حكايات "فرحانة" و "وداد" و "هند" و "فوزية" و "عائشة" خير دليل علي أن مصر "ولادة" لكل أنواع المناضلات و المجاهدات من نساء المدن إلي الفلاحات و البدويات.

في منزل غاية في التواضع بمدينة الشيخ زويد تلك التي تبعد عن العريش قرابة 30 كيلومتراً تعيش فرحانة حسين سلامة التي تبلغ من العمر 83 عاماً، قضت الشطر الأعظم منها في نضال ضد آلة الحرب الإسرائيلية العاتية، فكان طبيعياً و الحالة هذه أن تحصل من الرئيس السادات علي وسام الشجاعة من الدرجة الأولي و نوط الجمهورية و رغم ذلك فهي تعيش مع ابنها شوقي كأبسط النساء، إذ لا تملك مالاً و لا أرضاً و هي لا تريد مالاً و لا أرضاً، فكل ما قامت به لم يكن إلا جزءاً بسيطاً من ديون الوطن الحبيب كما تقول لكنها تريد فقط أن تؤدي فريضة الحج قبل أن تموت.

و رغم أن وزير التضامن منح جمعية مجاهدي سيناء 10 تأشيرات حج إلا أن شيخة المجاهدات البدويات لن تحج هذا العام لأنها ببساطة لا تملك ثمن التأشيرة فأي حجيج و أي وفود هذه التي ستذهب إلي الأراضي المقدسة دون "الحاجة" فرحانة كما يطيب لأهلها و جيرانها أن يلقبوها ؟!

تحرير سيناء يبدأ من إمبابة 
الكفاح ضد العدو في سيناء يبدأ بعد الثلاثين و من "إمبابة" .. نعم هذا ما تؤكده فرحانة، فبعد أن اضطرت علي وقع ضربات الاحتلال إلي الهجرة إلي القاهرة وجدت لنفسها مأوي في مدينة إمبابة و هناك دلتها ابنة عمها علي الطريق الصحيح للجهاد ضد العدو الذي سلب منهم أرضهم و شردهم و شرد أولادهم فكانت بداية رحلات الشتاء و الصيف من إمبابة إلي سيناء و من سيناء إلي إمبابة بعد أن دربها رجال منظمة "سيناء العربية" التي أسسها جهاز المخابرات الحربية علي حمل القنابل و طرق تفجيرها و إشعال الفتيل و تفجير الديناميت و نقل الرسائل و الأوامر من القيادة إلي رجال المنظمة الذين أنفقوا الغالي و الرخيص لكي تعود سيناء حرة ..

كانت البداية بالرسائل، فلما نجحت فرحانة في الحفاظ علي سرية رسائلها رغم كل أجهزة تفتيش العدو، كان طبيعياً أن تنتقل إلي المهمة الأرقي التي تبدأ بتوصيل القنابل و المتفجرات مروراً بقيامها هي نفسها بعمليات الرصد و التفجير لدبابات و قطارات مؤن العدو بعد أن رشحها الحاج محمد حمدان الهشة، أحد كبار المجاهدين للانضمام إلي فيالق المجاهدات السيناويات ..

كانت سيارة تابعة لجهاز المخابرات تأتي إليها صباحاً و تأخذها للتدريب علي العمليات القتالية، الأمر الذي قد يستغرق مدداً طويلة.
و حتي لا تبدأ تساؤلات الجيران كانت "فرحانة" تقول إنها تذهب لشراء و بيع الأقمشة لتوفير احتياجات أبنائها بعد انفصالها عن زوجها.

و تقول عن ذلك: كان الجيران يتعاطفون معي و يتولون رعاية أولادي خلال فترة سفري إلي سيناء و في السويس تحديداً تلقيت القسط الأكبر من التدريب علي فك القنبلة و إشعال الفتيل.

نسف القطارات و التقاليد و الأعراف 
كانت أول عملياتي هي عملية تفجير قطار في العريش، فقد قمت بزرع قنبلة قبل لحظات من قدوم القطار الذي كان محملاً ببضائع لخدمة الجيش الإسرائيلي و بعض الأسلحة و عدد من الجنود الإسرائيليين و في دقائق معدودة كان القطار متفجراً بالكامل ..

و توالت العمليات بعد ذلك و كنت أترقب سيارات الجنود الإسرائيليين التي كانت منتشرة في سيناء و قبل قدوم السيارة كنت أشعل فتيل القنبلة و أتركها بسرعة أمام السيارة التي تتحول في لحظات إلي قطع صغيرة محترقة، لقد أعطينا الجنود الإسرائيليين دروساً لن ينسوها طوال حياتهم و لم يتوقع أحد أن تخرج السيدة البدوية إلي ميدان المعركة ناسفة كل التقاليد و الأعراف و التقاليد التي تحرم علي البدويات حتي مجرد الخروج أمام الرجال.

و تروي "فرحانة" أنها كانت تحمل ذات يوم عدداً من القنابل مخبأة بطريقة خاصة أحضرتها من القاهرة للتوجه بها إلي العريش لتسليمها للمجاهدين الرجال و قامت دورية إسرائيلية بتفتيش القارب الذي كانت علي متنه مع عدد من زميلاتها، فأحست فرحانة أن تلك اللحظات ستكون اللحظات الأخيرة في حياتها، فالمؤكد أن الإسرائيليين سيكتشفون القنابل المخبأة لديها و سينسفون رأسها بإحداها لكن هدوءها و رباطة جأشها جعلا المفتشة الإسرائيلية تفتشها تفتيشاً سطحياً فلم تعثر علي القنابل،

و تضيف فرحانة: "بعد واقعة تفتيشنا من قبل القوات الإسرائيلية في مدخل مدينة العريش و عدم تمكنهم من العثور علي ما أخفيته من قنابل و رسائل للمجاهدين تعودت علي المجازفة و أصبحت أعصابي قوية جداً و قمت بتهريب القنابل و الرسائل عشرات المرات بعد أن تم تدريبي جيداً من قبل عمليات تدريب كانت تتم بدقة شديدة جداً و في سرية تامة لدرجة أننا كنا لا نعرف زميلاتنا المجاهدات و إذا صادف أن تواجدنا معاً في مكان التدريب في وقت واحد يتم إخفاء كل مجاهدة عن الأخري حتي لا تري إحدانا الأري،

و قد عرفت بعد انتهاء حرب أكتوبر و انتصارنا علي العدو الإسرائيلي أن بعض أقاربي كانوا يقومون أيضاً بتنفيذ عمليات فدائية و قد تم تدريبهم أيضاً في نفس المعسكرات التي تدربت فيها.

محاربة بدرجة تاجر قماش 
و وصل الأمر إلي حد أن أولادها أنفسهم لم يعرفوا شيئاً عن بطولات أمهم كما يؤكد ابنها شوقي سلامة "50 عاماً" و يعمل موظفاً، مشيراً إلي أن أمه كانت تغيب عنهم و هم صغار لمدة طويلة قد تصل إلي أكثر من شهر و تقول لهم إنها كانت تشتري قماشاً و تسافر لبيعه في سيناء لكي توفر لهم المصاريف و تلبي احتياجاتنا،

يقول: كنا لا نعرف عنها شيئاً فكنا نسكن في إمبابة بجوار بعض أفراد أسرتنا برعايتنا و نحن صغار و يتناوبون علي إعداد الطعام لنا ظناً منهم أن أمي تتاجر بالقماش في سيناء لكي تلبي احتياجاتنا بعد أن انفصلت عن والدي و أصبحت هي المسئولة عنا و لم نعلم بما كانت تقوم به أمي من عمليات فدائية إلا من خلال حفل تكريمها من الرئيس الراحل أنور السادات الذي منحها الأنواط و الأوسمة و كذلك الفريق أحمد بدوي و عرفنا بعدها أن أمي كانت تضحي بنفسها و بصغارها الذين تركتهم وحدهم من أجل تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.

و تعبر فرحانة عن سعادتها و هي تكشف لنا عن أسرار لم تكشفها من قبل، قائلة: "أحمد الله علي أنه منحني فرصة مشاركة رجالنا الأبطال في الدفاع عن بلدنا".

صلابة فوزية الهشة 
فوزية محمد أحمد الهشة نموذج آخر من المجاهدات السيناويات، تقول إن الشيخ محمد الهشة ابن عمها كان هو همزة الوصل بيننا و بين رجال المخابرات الذين قاموا بتدريبنا فكان يعطينا الرسائل في القاهرة و نتولي توصيلها إلي القيادات في سيناء بطريقتنا الخاصة حتي عجزت وحدات جنود التفتيش الإسرائيلية عن كشفها رغم أنها طرق بسيطة لكننا تغلبنا علي أجهزة التفتيش التي كانوا يمتلكونها في هذا الوقت.

و توضح الحاجة فوزية أن زوجها الراحل الشيخ سعيد أبو زرعي كان يقوم أيضاً بعمليات فدائية ضد الجيش الإسرائيلي فكنا نحمل رسائل و مفرقعات و نعبر بها قناة السويس بقوارب بسيطة حتي نصل بها للعريش و سيناء و كنا نركب السيارة من عين شمس متوجهين للسويس ثم نركب اللنش و نعبر القناة ثم نقابل المجاهدين الرجال و نسلمهم ما لدينا من رسائل و مفرقعات فيتولي هؤلاء توصيلها بطريقتهم الخاصة إلي رجالنا في العريش لاستخدامها في العمليات الفدائية، و قد استطعنا تدمير عدد من السيارات الخاصة بالقوات الإسرائيلية التي كانت تحتل سيناء،

و عن أصعب العمليات التي قامت بها، تقول الحاجة فوزية إنها قامت ذات مرة بتوصيل جهاز اتصالات لأحد رجالنا في العريش و بعد عشر دقائق من خروج هذا الرجل من منزله متوجهاً بالجهاز خارج المنزل اقتحمت القوات الإسرائيلية منزل الرجل و قامت بتفتيشه و لم تجد شيئاً فقد كان الله معنا في كل خطواتنا فنجانا من الإسرائيليين في أخطر المواقف و أصعبها.

تعترف فوزية أنها أمضت أياماً طويلة بعيدة عن أولادها السبعة " أربعة أولاد و ثلاث بنات" حباً في الوطن و هي تنتمي لعائلات كلها من المناضلين فعائلتها "الهشة" و عائلة زوجها "أبو زرعي" كانوا كلهم مجاهدين سواء كانوا من السيدات أو الرجال فكانت النساء تأتي بالرسائل و القنابل من القاهرة ليتسلمها علي الشط الآخر من القناة رجالنا الأبطال ليقوموا بالتفجيرات التي استهدفت الكثير من منشآت قوات الاحتلال الإسرائيلي.

و تقول فوزية إن أولادها السبعة كانت تتركهم هي و زوجها في رعاية جيرانها في العريش و أقاربهما و كان الجيران يقومون برعاية بعضهم البعض و يوزعون علي بعض الأطعمة و الدقيق و كان هناك تعاون يقوم علي المحبة فكان المجاهدون و المجاهدات يتركون أولادهم شهوراً طويلة و هم مطمئنون عليهم.

أبو زرعي يزرع الألغام 
و تكشف فوزية عن إحدي العمليات الفدائية التي قامت بها مع أخيها أحمد الهشة و زوجها سعيد أبو زرعي فقد قاموا بزرع عدد من الألغام في طريق الجورة فجاءت سيارة الدورية الإسرائيلية فمرت علي الألغام فتفجرت في الحال و تحولت في دقائق معدودة إلي حطام فقامت القوات الإسرائيلية بالقبض علي زوجها و شقيقها و احتجزوهما في إحدي الوحدات العسكرية لمدة شهرين و أذاقوهما أبشع أنواع العذاب حتي تحولوا إلي حطام رجال و قاموا بسلخ جلدهما بالكي بالنيران لكي يعترفوا بقيامهم بتفجير سيارة الدورية في الجورة و أنهم ينتمون لمنظمة سيناء،

و عن ذلك تقول: إن زوجي و أخي لم يعترفا حتي أشرفا علي الموت من الضرب و التعذيب فشعرت القوات الإسرائيلية أنها لن تأخذ منهما أي اعترافات و أنهما سيموتان من جراء التعذيب فتركوهما أمام منازلنا.

في بيتنا صعيدي !!

رغم أن فوزية من قبيلة الريشات إلا أنها لم تجد أي صعوبة أو اعتراضات من مشايخ قبيلتها للخروج للجهاد لأن رجال القبيلة يقدرون قيمة الدفاع عن الوطن و أنه واجب و التزام للرجال و النساء علي السواء، و تسرد في ذلك واقعة اكتشافها جندياً مصاباً بجروح خطيرة في ضواحي العريش فحملته إلي منزلها لتداويه فتعاون معها كل أفراد أسرتها و ظلوا يعالجون الجندي الذي كان من أبناء الصعيد حتي شفي من جراحه و استعاد عافيته ..

و تقول: لم تعترض قبيلتي علي غيابي عن المنزل لمدة أربعين يوماً فترة تدريبي في القاهرة و ذلك لإيمانهم بما أقوم به من واجب وطني تجاه مصر.

و تضيف فوزية عن رحلة خروجها من القاهرة متوجهة إلي العريش و هي تحمل الرسائل مرة و بعض القنابل مرة أخري لاستهداف المنشآت الإسرائيلية في العريش كأنها تحمل كفنها علي يديها قائلة: "لا تهدأ روحي و أتنفس بشكل طبيعي إلا عندما أصل لمنزلي في العريش بعد أن أكون أديت مهمتي".

هند و النقيب جميل 
في بئر العبد كان لهند دور عظيم في إيواء الجنود المصريين الجرحي، فهند ذات العشرين ربيعاً استطاعت أن تجوب الصحراء إبان حرب 67 و حتي انتصارات أكتوبر 1973 بحثاً عن الجنود المصريين المصابين و الجرحي لتأخذهم لخيمتها لتداوي جراحهم، و كانت هند تستغل أغنامها للتجول في الصحراء لتضليل قوات الاحتلال الإسرائيلي و حتي لا يكتشفوا ما تقوم به بالبحث عن الجنود المصريين و ذات يوم وجدت هند النقيب / جميل وهبة و هو ضابط مسيحي وجدته مصاباً في الصحراء و دمه ينزف بغزارة و كاد يفقد حياته من شدة الحرارة و خطورة الجراح فحملته هند و ذهبت به إلي خيمتها و قامت مع أفراد قبيلتها بمعالجته حتي استعاد صحته و عافيته فطلب منهم أن يستمر في الإقامة معهم حتي يقوم بدوره في مقاومة جنود الاحتلال فساعدته هند و كانت تصطحبه و هو متنكر في الزي البدوي من سيناء إلي الإسماعيلية و كان يرجع محملاً بالمعلومات لمرافقيه لتنفيذ عملياتهم العسكرية ضد قوات الاحتلال و ظل جميل وهبة يعيش مع أسرة هند السيناوية شهوراً طويلة و هو يؤدي مهمته المكلف بها و ذلك بمساعدة قبيلة هند و عشيرتها،

و في الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي تجوب الصحراء للبحث عن جميل وهبة و باقي الجنود المصريين كان معظم هؤلاء يعيشون وسط قبائل البدو في بيوتهم و خيامهم البسيطة كأنهم أفراد من أسرهم و كان البدو يساندونهم في الوصول إلي قادتهم و الرجوع مرة أخري لسيناء لتنفيذ مهامهم ضد العدو الإسرائيلي.

وداد .. 3 إعدادي متفجرات 
وداد حجاب إحدي المجاهدات اللاتي قمن بدور فعّال في مقاومة قوات الاحتلال الإسرائيلي، تقول إنها بدأت الجهاد ضد الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يحتلون سيناء في سن مبكرة جداً بعد أن حصلت علي شهادة الإعدادية و كان عمرها لم يتجاوز السادسة عشرة و قد بدأت وداد طريقها في الدفاع عن وطنها بتعلم الإسعافات الأولية و مداواة الجرحي كخطوة أولي لأن أهل العريش استشعروا أن المعركة كانت علي الأبواب و ذلك منذ عام 1968 و تعلمت وداد علاج الجرحي علي يد أطباء متخصصين و أثناء قيام حرب أكتوبر 1973 حاصرت النيران كل مدن و قري شمال سيناء و الطرق المؤدية للعريش فتركت وداد منزلها الكائن بوسط العريش و ذهبت للمستشفي العام بالعريش، و بمساعدة "أبلة خديجة عودة" المدرسة في المدرسة الإعدادية بالعريش استطاعت وداد أن تجتذب فتيات العريش و بنات البدو للتوجه للمستشفي لمساعدة الجرحي و المصابين.

و تقول وداد تعلمت علي يد "أبلة خديجة" معني مقاومة الاحتلال و الصمود و القوة و التحدي، فقد كانت أبلة خديجة بالنسبة لفتيات العريش نموذجاً مثالياً للمُدرسة الوطنية الرافضة لكل أنواع الاحتلال و كانت تلقن الفتيات في مدرسة العريش الإعدادية دروساً ..... علي مقاومة الاحتلال و تحرير الأرض.

و تضيف وداد أنها أقامت في مستشفي العريش أسابيع طويلة بدون أن تري أهلها لأن جنود الاحتلال فرضوا حظر التجوال، في ظل انقطاع الكهرباء و المياه فكانت حالات المصابين صعبة جداً لدرجة أن فتيات العريش و البدويات كن يتناوبن علي تمريضهم و تقول: لقد أعلنا حالة الطوارئ و لم نذهب لبيوتنا لعدة أشهر متصلة لكن بعد فترة سمحت القوات الإسرائيلية بخروج الفتيات المتطوعات من مستشفي العريش لكن بشروط أن يرتدين ملابس التمريض البيضاء و يذهبن لبيوتهن لكي يطمئن أهلهن،

و قد ذهبت بنات البدو و السيناويات لأهاليهن ثم عدن و هن يخبئن كمية من الطعام المعلبة أو المجففة إلي المستشفي من أجل مساعدة الأطباء في علاج الجرحي و المصابين بعد أن نفدت جميع الأغذية من المستشفي و أصبح الأطباء محاصرين تماماً.

المرأة التي خدعت وايزمان 
تروي وداد أنها أثناء تواجدها في مستشفي العريش سمعت بوجود منظمة جديدة اسمها منظمة سيناء العربية و ذلك عقب حرب 67 مباشرة، تقول: عندما سمعنا أن الرئيس جمال عبد الناصر تنحي عن الحكم قمنا بقيادة مظاهرة كبيرة في العريش لمطالبة الرئيس عبد الناصر بالاستمرار لأن جميع أبناء سيناء يساندونه.

و بعد أن توفي الرئيس عبد الناصر انطلقت مع باقي أهالي سيناء في تظاهرات عارمة و نحن نرتدي الملابس السوداء و ذلك أوائل السبعينات و لم أتمالك نفسي و انطلقت مسرعة إلي مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي الميجور عزرا وايزمان حيث قررت أن انضم لمنظمة سيناء العربية و كان ذلك يستدعي سفري للقاهرة، فقلت للحاكم العسكري إنني أريد أن أسافر إلي القاهرة لأقدم واجب العزاء في الرئيس جمال عبد الناصر.

و من كثرة بكائي، أمام الحاكم العسكري و إلحاحي علي السفر للقاهرة و أعلنت أمامه أنني سامكث هنا في مقره لحين السماح لي بالسفر للقاهرة لم يجد عزرا وايزمان أمامه سوي السماح لي بالسفر برفقة 99 رجلاً من أبناء العريش و سافرنا إلي القاهرة عن طريق عمان و قابلنا المشير أحمد إسماعيل و الرئيس السادات و أثناء فترة تواجدي في القاهرة استطعت أن أتوصل إلي مؤسسي منظمة سيناء العربية و عرفت أنها تضم شخصيات كبيرة و لها قدر من الاهتمام السياسي فانضمت إليهم و قلت لهم إنني أقدم إليكم روحي فداءً لبلدنا مصر و أي شيء ستطلبونه مني سأنفذه بدون مناقشة

التنكيل و التهديد بالاغتصاب 
تستطرد وداد قائلة :"أول ما قمت به من خلال مشاركتي في منظمة سيناء العربية توزيع منشورات تحث علي الجهاد و المقاومة".
و قد سافرت وداد بنفسها إلي غزة من اجل الحصول علي الورق و علي المنشورات التي كانت توزعها، و قد انتبهت لذلك الشرطة العسكرية الإسرائيلية و بدأت في مراقبة أهالي العريش و نجحوا في القبض عليّ مع أسرتي و تعرضت للتعذيب علي أيديهم و قاموا بتعذيب والدي و أخي من أجل الكشف عن أي معلومات تفيدهم بخصوص منظمة سيناء العربية و أعضائها،

و مع إصراري علي رفض الاعتراف هددوني بالاغتصاب و انتهاك حرمتي و مستغلين العادات و التقاليد البدوية التي أخضع لها، و مع تمسكي بالرفض أطلقوا سراحي بعد أن صدقوا أنني لا أعرف شيئاً، و قد استطعت أن أخدع الميجور عزرا بأنني فعلاً سافرت للقاهرة من أجل العزاء في جمال عبد الناصر فقط و لم أنضم لمنظمة سيناء العربية.

تضيف وداد أن التهديدات التي تلقتها علي أيدي الشرطة الإسرائيلية لم تؤثر عليها و أن الله قد أعطاها في هذا الوقت قوة و إصراراً كبيراً علي التحدي و الصمود أمام كل التهديدات و التعذيب التي تعرضت له و لم تتأثر بالتهديد باغتصابها علي الرغم أنها كانت غير متزوجة و ربما كانت ستفقد أعز ما تملكه كل فتاة في شبابها،

و تقول: بعد خروجي من الحجز استمررت في توزيع المنشورات التي تدعو للجهاد و الكفاح و كنت متنقلة بين القاهرة و الإسماعيلية و سيناء من أجل نقل المعلومات لخدمة قواتنا المسلحة و جعلنا سيناء كتاباً مفتوحاً أمام قادتنا من القوات المسلحة حتي حقننا الانتصار في حرب 1973.

عائشة و رسائل الصحراء 
و قبل أن نغادر مدينة الشيخ زويد التقينا بالمجاهدة عائشة الهشة و التي تقول إنها شاركت زميلاتها البدويات في توصيل عدد من الرسائل من القادة في القاهرة إلي رجالهم في العريش، و تتذكر عائشة أنها تعرضت ذات يوم لعمليات تفتيش دقيقة عند مدخل مدينة العريش و كانت تحمل عدة رسائل خطيرة قادمة بها من القاهرة للقادة في سيناء و لم تتمكن المفتشة الإسرائيلية عن كشف المكان الذي كانت عائشة تخبئ فيه الرسائل، و تضيف عائشة أنها شاركت زميلاتها البدويات في العريش مما أسفر عن تفجير عدد من سيارات العدو. 
و لم تكشف عائشة لأولادها الأربعة عن العمليات التي قامت بها في سيناء إلا عندما كرمها الرئيس الراحل أنور السادات مع زميلاتها البطلات عام 1973


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق